17 - 07 - 2024

إيقاع مختلف| حياة محمد

إيقاع مختلف| حياة محمد

فَضَاءُ القَصِــــــــــيدَةِ فِيهِ طَيرٌ يُغَرِّدُ

وَيشدُو ويشدُو إِذ يَقُولُ : " مُحَمَّـــــدُ"

تَجِىءُ القَصَــائِدُ نَحوَ بَابِكَ عَذْبَةً

وَتَرْكَعُ حَمْداً للإِلَهِ وَتَســـــــــــــــجُدُ

وَمَا قِيمَةُ الشِّعْرِ الكـَــــــرِيمِ إِذَا رَأَى

جَمِـــــــيلَ السَّجَايَا وَهْىَ فِيكَ تَوَقَّدُ

فَلمْ يَنْطَلِقْ حُبَّاً وَشَدْوَاً وَمِدْحَـــــــــةً

هُوَ الشِّعرُ شَدوٌ بِالفَضَــــــائِلِ يَنطـِقُ

يَتِيمٌ كَــرِيمٌ زَانَهُ اللهُ بِالرِّضَـــــــــــــا

وَعَبدٌ شَكُـــــــورٌ قَامَ يَدْعُو وَيَحْمَـدُ

وَنُورٌ بَشِـــــــــــــيرٌ زَادَهُ اللهُ حِكْمَــةً

بِهِ يَهْتَدِى قَلبُ الوجُـــــــودِ ويَرْشُــــدُ

نَبِِىُّ الهُدَى وَالبِرِّ وَالخَــــــيرِ والتُّقَى

أَتَمَّ الرِّسَــــــــــــالةَ وَالخَلائِقُ تَشْهَــــدُ

إنها بشائر المولد النبوى تملأ الآفاق، وعلى كثرة الكتب التى قرأتها حول السيرة النبوية، فإن كتاب "حياة محمد" للأديب الدكتور محمد حسين هيكل، تظل له قيمة بالغة التفرد، ذلك أنه اختار منهجاً فريداً، ربما بسبب ارتباطه بالقانون والقضايا القانونية، حيث إنه لم يتخذ منهج السرد لوقائع حياة النبى صلى الله عليه وسلم، وإنما اعتمد على طرح مجموعة من القضايا التى دارت حول السيرة النبوية، وطرحها بطريقة بالغة العقلانية والمنطقية، تخاطب العقل فترضى طموحه، وتخاطب القلب فترضى إبمانه وتشوفه ومحبته.

وكأن الكتاب كان يدرك أنه يخاطب قارئاً مسلماً وقارئاً غير مسلم؛ فيريد لهذا أن يجد فيه ما يزيد قلبه محبة ورضا، ويريد لذلك ما يملأ عقله اقتناعاً وثقة.

والمدهش أن الكتاب، بكل ما يحويه من ثراء فكرى وعقلى كبير، كان قد نشر في جريدة "السياسة"، وهو ما يمكن أن يعطينا فكرة عن طبيعة قراء الجرائد في النصف الأول من القرن العشرين، وكذلك يعطينا فكرة عن طبيعة المادة التى كانت تنشر فى الصحف فى تلك الحقبة، مما يشعرنا بكثير من الزهو بما كان وغير قليل من الأسى عما صار.

ستجد فى الكتابآ  مناقشة لقضايا مهمة من قضايا السيرة النبوية، مثل قضية "الغرانيق"، وقضية علاقة الرسول صلى الله عليه وسلم بيهود المدينة وموقفه منهم، وقضية موقف الرسول صلى الله عليه وسلام من النساء، وهى كلها قضايا يتصدى لها د. محمد حسين هيكل لا بقلب المؤمن وحده، بل وبعقل المفكر الكبير أيضاً، لذلك تأتى آراؤه ومواقفه شديدة الاتساق مع العقل الإنسانى، فى الوقت ذاته التى تأتى فيه متسقة مع الإيمان القلبى العميق.

ومن الطبيعى ألا يكون منهج د. محمد حسين هيكل مرضيا للجميع، وأن يرى فيه البعض ما لا يتفق مع رؤيته وتوجهه وطموحه ، وهو ما عرض الكتاب وصاحبه لغير قليل من الانتقاد الذى وصل فى كثير من الأحيان إلى حد الهجوم الضارى.

ويبقى أن نعرف أن هذا الكتاب خرج إلى النور فى الحقبة ذاتها التى خرج فيها "على هامش السيرة" لعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، و"عبقرية محمد" لعملاق الأدب العربى عباس محمود العقاد، فضلاً عن موسوعة أحمد أمين ووقفته أمام "فجر الإسلام وضحاه وظهره"، وغيرها، فأية فترة تلك التى كانت تضج بكل هذا الزخم الفكرى المدهش، وكيف تسنى لحقبة واحدة أن تجمع هؤلاء جميعاً ومعهم الرافعى والمازنى و...مما لا يحصيه عد؟!

كل عام والأمة أكثر تفتحاً فكرياً وعطاء عقلياً وإبداعياً أصيلا.
 ---------------------

بقلم: السيد حسن 

مقالات اخرى للكاتب

جِيل من الصور الطلِيقَة